اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 546
عن الخطر ويعطيهم الخير الكثير الرَّحِيمِ لهم يسهل عليهم كل عسير
[الآيات]
يا أَيُّهَا النَّاسُ الناسبون للعهود والمواثيق الإلهية اتَّقُوا رَبَّكُمْ الذي رباكم بأنواع الكرامات وبجلائل النعم واصناف اللذات والشهوات واجتنبوا عما نهاكم سبحانه عنه من المكاره والمعاصي وعموم المنكرات ولا تغتروا بامهاله إياكم في نشأتكم هذه واحذروا عن بطشه في النشأة الاخرى عند قيام الساعة إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ المعدة لانقهار النظام المشاهد وانحلال أجزاء العالم المحسوس شَيْءٌ عَظِيمٌ وامر فظيع هائل فجيع بحيث تضعضعت السموات من هيبتها واندكت الأرضون من شدة صولتها اذكر ايها المعتبر الرائي نبذا من أهوالها وافزاعها
يَوْمَ تَرَوْنَها
اى تلك الزلزلة الشديدة المهيبة بحيث تَذْهَلُ
اى تدهش وتغفل من غاية دهشتها وحيرتها كُلُّ مُرْضِعَةٍ
مشفقة متحننة عَمَّا أَرْضَعَتْ
اى ولدها الرضيع مع كمال محبتها ومودتها إياه
وَايضا تَضَعُ
عند حدوثها من شدة فزعها وهولها كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ
وحبل حَمْلَها
وجنينها
وَبالجملة تَرَى
ايها الرائي النَّاسَ
اى عموم الأنام عند حدوثها سُكارى
حيارى مدهوشين زائلة عقولهم من شدة الهول وَما هُمْ بِسُكارى
حقيقة وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ
النازل إياهم في تلك الحالة شَدِيدٌ
مدهش محير لعقولهم وأبصارهم وجميع قواهم ومشاعرهم
وَكيف لا يكون لله المنتقم القهار الجبار ذي القدرة الكاملة والغيرة التامة العذاب والنكال في النشأة الاخرى سيما على من يسئ الأدب معه وينسب اليه سبحانه ما لا يليق بشأنه وينكر يوم البعث والجزاء مع ورود الآيات العظام من لدنه سبحانه في شأنه إذ مِنَ النَّاسِ المجبولين على المراء والجدال مَنْ يُجادِلُ يمارى ويخاصم داعي الله ورسوله سيما فِي حق اللَّهِ ويبالغ فيه حيث ينفى ذاته سبحانه وعموم صفاته الذاتية الكاملة مع ان نفيه قد صدر عنه جهلا بِغَيْرِ عِلْمٍ دليل عقلي يتشبث به او نقلي يستند اليه بل انما هو ناش من جهل وعناد وَغاية مستنده ومتشبثه انه يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مضل مغو مَرِيدٍ غال مستمر في الشرارة والفساد بين العباد
لذلك كُتِبَ ونص عَلَيْهِ اى على الشيطان الطريد المريد المردود المطرود من لدنه سبحانه أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ اى الشيطان واتخذه وليا من دون الله واقتدى له واقتفى اثره فَأَنَّهُ اى الشيطان باغوائه واغرائه إياه يُضِلُّهُ ويصرفه عن سواء السبيل الذي هو طريق الايمان والتوحيد وَيَهْدِيهِ بمقتضى تلبيسه وتغريره إِلى عَذابِ السَّعِيرِ والله لبئس المولى ولبئس النصير
يا أَيُّهَا النَّاسُ المنهمكون في الغفلة والنسيان المنغمسون بلوازم الحدوث والإمكان المفضية الى انواع العصيان والطغيان إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ شك وتردد مِنَ امر الْبَعْثِ وإمكان وقوعه ومن قدرتنا على اعادة المعدوم فارجعوا الى وجدانكم وتأملوا في ابداعنا نفوسكم من كتم العدم أولا بلا سبق الهيولى والزمان حتى يزول ريبكم ويرتفع شككم فَإِنَّا قد خَلَقْناكُمْ وقدرنا وجودكم مِنْ تُرابٍ جماد ولا مناسبة بينكم وبينه أصلا إذ هو اصل النطفة ومادة المنى إذ المنى انما يحصل من الاغذية المتكونة من التراب ثُمَّ قدرناكم ثانيا مِنْ نُطْفَةٍ مصبوبة في الأرحام حاصلة من أجزاء الاغذية ثُمَّ صورناكم مِنْ عَلَقَةٍ اى دم منعقد من المنى المصبوب في الرحم ثُمَّ عينا اركان اجسامكم مِنْ مُضْغَةٍ اى لحم متكون من الدم المنعقد مُخَلَّقَةٍ كاملة الخلقة سوية الاجزاء بلا عيب ولا نقصان قابلة الفطرة للمعرفة والهداية والرشد التام وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ناقصة الخلقة معيبة الاجزاء والأركان منحطة عن درجة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 546